Ahmed Elsayed
المولد النبوي الشريف هو ذكرى ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، والقائد الأعظم للأمة الإسلامية. يحتفل به المسلمون في كل عام في يوم الاثنين الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول من التقويم الهجري. يعتبر هذا اليوم من أعظم الأيام في التاريخ، ففيه ولد نور الهدى والرحمة للعالمين، وفيه أُنزلت الشريعة الإسلامية التي تحقق للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة.
الاحتفال بالمولد النبوي هو من أفضل الأعمال التي يقوم بها المسلمون لإظهار حبهم وتقديرهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ولتجديد عهدهم وولائهم له، ولتذكير أنفسهم بسيرته العطرة وأخلاقه الكريمة. يتضمن هذا الاحتفال مجالس ذكر وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة قصص من حياته وآيات من كتابه، وإطعام المساكين والفقراء، وإحسان إلى الجيران والأقارب، وإظهار الفرحة والبشاشة في المجتمع.
لا يوجد دليل شرعي صحيح على أن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته رضوان الله عليهم احتفلوا بالمولد في عصرهم، لكن هذا لا يعني أن هذا الاحتفال بدعة منكرة أو محرمة. بل هو من المباحات التي تخضع لقاعدة “الأصل في المباحات التجوز”، فلا يجوز تحريم ما أباحه الشارع، ولا يجوز إجبار من تركه على فعله. بل يجب احترام اختلاف المسلمين في هذا الموضوع، وعدم التفرقة أو التخاصم بسببه.
أول من أحدث احتفال بالمولد في التاريخ هو المظفر قطب الدين مزدفر بن زكى الملاطى، سلاطین إيران فى زَکَارِیَّۃِ ۶۰۰ھ/۱۲۰۳ م. ثم انتشر هذا الاحتفال في بقية بلاد المسلمين خصوصًا في مصر والشام والعراق. كان هذا الاحتفال في أول ظهوره مظهرًا من مظاهر التدين والتقوى والإخلاص، ولكن مع مرور الزمن ظهرت فيه بعض المخالفات والمبالغات والبدع التي تنافي الشريعة الإسلامية، مثل الغناء والرقص والاختلاط والتبرك بالأضرحة والأوثان. لذلك يجب على المسلمين أن يتحروا السنة في احتفالهم بالمولد، وأن يتجنبوا كل ما يغضب الله تعالى أو يشوه صورة الإسلام.
المسلمون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف بطرق مختلفة، حسب البلد والثقافة والمذهب.
لا يحتفل به في جميع أنحاء العالم.
بل هو احتفال يقام في بعض الدول الإسلامية والمسلمة، ويختلف شكله وطريقته من بلد إلى آخر.
بعض الدول تعتبره عطلة رسمية.
وبعضها تنظم مواكب وحفلات ومجالس ذكر ومديح وزيارات لأضرحة الأولياء والصالحين، ويتبركون بها.
وبعضها تطهو أكلات خاصة وتوزع حلوى وصدقات.
بعض الدول لا تحتفل به أصلاً، لأنها ترى أنه بدعة لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته أو التابعين.
وبعضها تحتفل به بشكل خاص وبسيط، دون إظهار أو تكبير.
وبعضها تحتفل به بشكل عام وجماعي، دون مخالفة أو مبالغة.
بعضهم يقيمون مجالس ذكر وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المساجد أو المنازل، ويقرؤون القرآن والحديث والسيرة.
بعضهم ينظمون حفلات إنشاد ومديح للنبي صلى الله عليه وسلم، ويستمعون إلى خطب ومحاضرات دينية.
إن الاحتفال بالمولد النبوي هو من المسائل التي اختلف فيها المسلمون، فلا يجوز التطرف في حكمه أو التشدد في فعله أو تركه. بل يجب احترام اختلاف المسلمين في هذا الموضوع، والاتفاق على المحبة في الله والتقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وأخذ بشريعته.
لا يوجد شكل محدد أو موحد للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فكل مجتمع له عاداته وتقاليده.
لكن المشترك بين هذه الاحتفالات هو حب النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شأنه، وتذكير نفسه بفضائله وسنته. هذا هو الغرض الأساسي من الاحتفال بالمولد، فلا يجب أن يكون سببًا للخلاف أو التفرقة بين المسلمين. بل يجب أن يكون سببًا للتقارب والتآخي والتعاون على البر والتقوى.
في الختام، نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في هذا اليوم المبارك، وأن يجعلنا من أحباب رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يجمعنا به في جنات النعيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
